سياسة

هل ستعود أموال الخليج بعد عودة السفراء الى بيروت؟

طوى لبنان جزء من صفحة الخلاف مع الدول الخليجية بعودة السفيرين السعودي وليد البخاري والكويتي عبد العال القناعي إلى بيروت بعد قطيعة استمرت 5 أشهر.

هذا الحراك الدبلوماسي قد يشير إلى تحسن العلاقات التي وصلت إلى أدنى مستوياتها خلال العام الماضي بين لبنان والدول الخليجية، وفتح الباب أمام تفعيلها على كافة الصعد مع إطلاق صندوق المساعدات السعودية – الفرنسية لتمويل مشاريع تساعد الشعب اللبناني بشكل مباشر للتخفيف من معاناته عبر دعم القطاعات التربوية والصحية والشؤون الإنسانية والكهرباء والتعليم وتوفير الدعم المادي للأسلاك الأمنية والعسكرية.

فبعد هذين الحدثين الذيْن فرضا نفسيهما على الساحة اللبنانية، هل الظروف الدولية أرغمت السفراء الخليجيين على العودة إلى لبنان ومواكبة مرحلة جديدة ما؟ وهل تشهد البلاد عودة الاستثمارات الخليجية قريباً؟

رزق: رغبة العودة مشروطة

رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية إيلي رزق يؤكد لـ “أحوال ميديا” أن “عودة السفيرين السعودي والكويتي إلى لبنان هي بداية خطوة في طريق الألف ميل وعلى لبنان وحكومته القيام بالعديد من الانجازات والإصلاحات لاستعادة ثقة الخليجيين وبعدها يمكننا التحدث عن عودة تدريجية وإعادة إحياء العلاقات التجارية والسياحية والأخوية التي كانت تربط بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي”.

ويتابع رزق “عودة السفراء إلى لبنان كانت في بداياتها نتيجة التفاهم والتوافق الفرنسي-السعودي على إنشاء صندوق مشترك مخصص للمساعدات الإنسانية والذي يحتوي على 72 مليون يورو، تساهم فرنسا بـ 36 مليون يورو منه فيما يساهم الصندوق السعودي للتنمية ومركز الملك سلمان للإغاثة بـ 36 مليون يورو الاأخرى، على أن يخصص هذا المبلغ لمساعدة الشعب اللبناني في قطاعات التعليم والصحة والأمن والطاقة وغيرها”.

ويضيف “بعد توقيع الاتفاقية في بيروت خلال الأسابيع المقبلة سوف تنتظر دول مجلس التعاون نتائج الانتخابات النيابية ليبنى على الشيء مقتضاه كون الدول الخليجية حريصة على ارساء أفضل العلاقات مع لبنان ومؤسساته”، مشدداً على أنّ “السعودية لا تريد التعامل مع أشخاص بل هدفها التعامل مع مؤسسات شرعية”.

ويشير رزق الى أن “لا علاقة بين عودة السفراء إلى لبنان وبين موعد الانتخابات النيابية، بل هي جاءت تلبية لرغبة فرنسية كي لا يُترك لبنان وحيداً يتخبط بأزماته، أقله على صعيد المساعدات الإنسانية، ولكن للأسف بعض القوى اللّبنانية قد يحاول إقحام السعودي في الانتخابات ليستقوي على الفريق الآخر، ولكن المملكة لا تريد التدخل بالشأن الداخلي للبنان ولا في الزواريب الضيقة للسياسة بل ستنتظر نتائج الانتخابات لتعلن عن موقفها تجاه لبنان بشكل واضح”.

وعن إمكانية جذب الاستثمارات إلى لبنان يقول رزق أن “الرغبة الخليجية كبيرة للاستثمار في لبنان خصوصاً في القطاع العقاري، ولكن على الإدارة السياسية للبلاد أن تمنح للمستثمر الخليجي الثقة قبل أن يبدأ مشاريعه وهذا لن يتحقق قبل الانتخابات النيابية التي ستحدد شكل الحكومة المقبلة”.

ويختم بالقول “كل هذا يحتاج إلى إعادة تكوين الثقة التي تترافق مع إعادة تكوين السلطة أو تغيير الذهنية التي كانت تدار بها من قبل القوى السياسية في حال لم نتمكن من تغييرها، الحكومة مطالبة بالاستمرار بتنفيذ الخطوات الإجرائية بمنع لبنان من أن يكون ممراً للمخدرات أو منبراً إعلامياً للتهجم على السعودية ودول الخليج أو مقراً لإقامة مؤتمرات لقوى معارضة للقوى الحاكمة في الخليج العربي”.

جباعي: المشكلة بالعقلية اللبنانية وليس بالعودة

من جهته، يشير الباحث والخبير الاقتصادي د.محمود جباعي إلى أن “كل ما يحكى عن العودة الخليجية إلى لبنان هو مجرد كلام ولا شيء جدّي حتى الساعة، لا نستطيع أن نجزم أو حتى نعطي أملاً للبنانيين بعودة الأموال الخليجية إلى لبنان لأنها مشروطة بنتائج الانتخابات النيابية وبالتالي لا نستطيع أن نبني أحلاماً ونعلق آمالنا عليها”.

ويتابع “المواقف الخليجية اليوم متقلبة، فسفير المملكة العربية السعودية فجأة يغادر لبنان وفجأة يعود، وهذا يجعلنا متخوفين من أي موقف أو قرار اقتصادي خليجي يتخذ على صعيد لبنان، لأنهم وبأي لحظة قد يعلقون هذه قراراتهم”.

ويضيف “نحن كاقتصاديين نأمل بحصول تقارب عربي بالمطلق مع لبنان وتقديم المساعدات له شرط أن توضع في المكان الصحيح وليس في المصرف المركزي وبين أيدي القوى السياسية التي سرقت ونهبت أموال اللبنانيين”، داعياً الأشقاء العرب “للإستثمار في لبنان في القطاعات الانتاجية والاقتصادية بشكل مباشر دون وسيط لتحريك عجلة النمو مع إشراف مباشر من قبل الجهات المانحة وعدم السماح للقوى السياسية الفاسدة بفرض نفوذها والتدخل بهذه الاستثمارات”.

ويلفت الجباعي إلى أن “طريقة إدارة الأمور في لبنان لن تحلها الأموال الخليجية ولا غيرها، المشكلة اليوم تكمن في العقلية المتحكمة بالسياسات الاقتصادية والمالية في لبنان وبكيفية ادارة الملفات في ظل غياب الادارة الرشيدة والحكيمة وغياب الاشخاص الحقيقين الفاعلين الذين يعملون لمصلحة الاستثمار، نحن نفتقد الى الخطة والنظام والاهتمام بشؤون المواطن والى كيفية وضع لبنان على السكة الاقتصادية الصحيحة لأن كل من يعمل في السياسية النقدية والمالية والاقتصادية هو يعمل لمصالح شخصية ولمصالح الكارتيلات المتشارك معها في تقسيم الارباح على حساب المواطن.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى